جمال الروح .... وأركانها ...

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

جمال الروح .... وأركانها ...

خلق الله الإنسان من روح وجسد
، وحمله مسؤوليتهما وأوجب عليه حفظهما من كل ما يفسدهما ويقبحهما ، وأولى الروح
أهمية خاصة لأنها هي قوام الإنسان وحقيقته ، ولكل منهما جمال وقبح ، وهما معلومان
في البدن فالجميل محكوم بالجمال والقبيح بالقبح ولا ترى في الخلق من لا يميز
بينهما أو لا يسعى في كسب الجمال ولو بالاصطناع لمرغوبية الجمال ، أما في الروح
فمجهولان غالبا والحقيقة أن للروح أيضا جمال وقبح فبالروح يمكنه أن يصير ملاكا
وبها يمكن أن يكون شيطانا .

والجمال لا يكون إلا بتوفر أركانه
، ففي الوجه لا يكون الجمال مطلقا بحسن العينين دون الفم والأنف والخد ولون البشرة
وصفاتها بل لابد من حسن الجميع ليتم جمال الظاهر ، والروح كذلك لها أركان لا تكسب
الجمال المطلق إلا بحسنها جميعا ، وأركانها هي العلم والعفة والشجاعة ، أما العلم
: فشغل العقل وجماله في حسن استخدامه فإذا أدرك به الفرق بين الصدق والكذب من الأقوال
وبين الحق والباطل في الاعتقادات وبين الجميل والقبيح في الأفعال فقد أدرك الحكمة
وكان الإنسان حكيما وهو جمال ما فوقه جمال (ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )
. وأما العفة : فهي الجمال المكتسب من توكيل انبساط وانقباض الشهوة إلى قانون
الحكمة والدين فلا يتقرب من المشتهيات إلا بعد التأكد من تجويز الدين والعقل لها .
وأما الشجاعة : فتاتي من إخضاع الغضب لحكم العقل والدين فلا يترتب الأثر على الغضب
والانفعال إلا في مواقع أجاز الدين ترتيب الأثر . فالعقل والشهوة والغضب قوى لا
غنى للإنسان عنها وقد أودعها الله فيه ليستفيد من محاسنها فأمره بابتغاء الحكمة من
العقل ونهاه عن الجهل والجر بزة ، وأودع فيه الشهوة ليأكل ويشرب ويعمل ويتناسل ، وأمره
بالعفة ونهاه عن الخمود والشره وأودع فيه الغضب كسلاح يشجعه على الثورة ويحرضه على
الهجوم دفاعا عن مقدسات هو مأمور بالدفاع عنها كالدين والناموس والحق ونهاه عن
الجبن والتهور فليس له الثورة والغضب لكل ما لا يلائم طبعه في سلاح خاص لدفاع خاص
وباستخدامها في غير موقعها لا يضر إلا بنفسه فمن يعكر صفو عيشه في البيت لعصبية
فيغير محلها وفي الوسط الاجتماعي فلا يلحق الضرر إلا بنفسه . فهذه النعم كلها
محاسن لا غنى للمخلوق الكامل عنها ، لكنها في نفس الوقت تشكل الخطر على الإنسان أيضا
فيما لو أهمل مراعاة حدودها ، فمنها يستطيع عدو الإنسان ( الشيطان ) النفوذ إلى معسكره
وسوقه حيث يشاء فهي مع كونها سبلا للكمال والفوز بالنعم إلا أنها مع عدم معرفة
حدودها تكون الجبهات الضعيفة التي منها يتسلل العدو ، ولكن من القادر على تحديد
منافع هذه القوى ومضارها وحدودها الوسطى المثلى وما يؤثر فيها وما يقويها ؟ ربما
يقال أن الإنسان بعقله مستقلا يستطيع ذلك . لكن الأمر ليس كذلك لعدم إحاطة الإنسان
بنفسه روحا وبدنا ، ولا يعني وصول الإنسان إلى معرفة بعض الأمراض البدنية والروحية
وعلاجها انه أحاط بكل شيء علما . فالإنسان لم يكتشف إلى ألان جهده المبذول إلا
الجزء اليسر وهناك من الأمور ما لا طاقة له في بلوغها. إذن من الخطأ الاعتماد في
سن القوانين الروحية على عقل الإنسان المستقل ، بل لا بد من الرجوع إلى من أحاط
علمه بكل شيء وهو الله بإقرار كل معترف بالله من أي دين كان . فالخالق هو العالم
بما خلق وبما ينفع وبما يضر ، فالروح التي بها يكون الإنسان إنسانا أو حيوانا هو الأهم
في نظر الله تعالى رغم أهمية البدن الذي هو موطن الروح . ومعرفة الروح وما ينفعها
ويضرها ليس من اختصاص البشر ، ( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم
من العلم إلا قليلا ) ولأجل تربية الروح بعث الله الأنبياء أطباء للبشر .

إن الاستخدام الأمثل لهذه
القوى الثلاثة يتمثل في حدودها الوسطى وبها يبلغ الإنسان المراتب السامية التي
يبتغيها كل ذي عقل ، ومصدر خطرها كامن في طرفي الإفراط والتفريط منها . والسعي في إبقائها
على الحد الوسط أمر عسير لا يتأتى إلا برعاية نصائح الطبيب العالم بالأوبئة والأدوية
دون غيره ، وما أصيبت البشرية إلا بعد أن أهمل الإنسان نصائح ربه بعدم إهمال جانبه
الروحي ، فأهملها واتبع وسوسة الشيطان الكامنة في رغبات مطية النفس الهائجة بعد أن
أبعد عنها لجام العقل فاكتفى بتلبية مطالبها ناسيا روحه وما يمكن أن يصيبها من مرض
فتاك . ومن هنا نعلم تشديد الدين في بعض الأمور ومنع الإنسان من ملذات تطيب لها
النفس وتستريح فقد حرم الله كل ما يلهي عن ذكر الله ، لأن الإلهاء عن ذكر الله
يعني الابتعاد عن المنجيات والاقتراب من المهلكات . ولا مناص لمن أمن بالله
الانصياع لأمره بعد الإقرار بان الله لا ينهى عن شيء إلا وفيه الضرر .

اللهم صل على محمد وآل محمد

إن ميدان الجمال واسع تجول فيه المتناقضات حتى أن باستطاعة المرء أن يناقش في موضوعات تقدير الجمال أكثر من أي موضوع آخر.

ونحن نجد أن الله خلق كل شيء في أجمل وأبهى صورة مصوراً فيه جماله سبحانه وكاشفاً عن حبه للجمال، وكذلك نرى أن كل ما حولنا يعلمنا كيف نكون المثل الأعلى للجمال الباطني والظاهري معاً.

وما الحُسنُ في وجه الفتى شرفٌ له *** إذا لم تكن في فعله والخلائق

سلمت يداك أختي الغالية على ما اخترت فهو ينم عن ذوقك الرفيع ويعكس جمال روحك ورقتك.

موضوع جميل من اخت مبدعة

بارك الله بك على هذا الموضوع

تقبلي مروري اختي الغالية

موضوع رائع وفي قمة الابداع
تقبلي مروري

اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

كلنا نسعى للجمال بكل صورهِ وفي كل وقت
شكرا يا أختي الغالية فاطمة لمرورك الرقيق على صفحاتي الذي أسعدني
نورتِ الموضوع
تحياتي لكي

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

شكراً لك أخي الغالي لمرورك الرائع وذوقك الرفيع

تحياتي لك

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

أهلا بك أخ كيمو وبمرورك الأجمل
نورت الموضوع

» غربة الروح هي اصعب غربة