احمدالخالدي مشرف عبقات عام
الجنس : المهنة : المزاج : الابراج : عدد المساهمات : 412 تاريخ الميلاد : 29/09/1976 تاريخ التسجيل : 14/06/2012 العمر : 48
| موضوع: اعظم شخصية عرفاها التاريخ رسول الرحمة صل الله عليه واله وسلم الخميس أكتوبر 04, 2012 1:32 am | |
| اعظم شخصية عرفاها التاريخ رسول الرحمة صل الله عليه واله وسلم
لا يمكن لأحد أن يحيط بشخصية أعظم رجل في الكون ألا وهو الرسول الأعظم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، حيث لم تبرز على طول التاريخ مثل هذه الشخصية العظيمة التي تجسدت في رجل أحدث تغييرات واسعة في التاريخ الإنساني، وقد اعتبر أحد الكتاب الغربيين في كتابه (المئة الأوائل) الرسول (صلى الله عليه وآله) في المرتبة الأولى من عظماء التاريخ البشري، كما واعتبره أعظم شخصية في تاريخ العالم بما حققه من نجاح عظيم في إبلاغ رسالته وتأسيسه لدولة إسلامية كبيرة، وحضارة عريقة ظلت تغذي العالم بالعلم والمعرفة والعطاء لقرون عديدة، حيث يقول الدكتور مايكل هارث أستاذ الرياضيات والفلك والفيزياء في الجامعات الأمريكية وخبير هيئة الفضاء الأمريكية:
(لقد اخترت محمداً (صلى الله عليه وآله) في أول هذه القائمة.. ولابد أن يندهش كثيرون لهذا الاختيار ومعهم حق في ذلك، ولكن محمد (صلى الله عليه وآله) هو الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحاً مطلقاً على المستوى الديني والدنيوي. وهو قد دعا إلى الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات وأصبح قائداً سياسياً وعسكرياً ودينياً، وبعد 13 قرناً من وفاته فإن أثر محمد (صلى الله عليه وآله) ما يزال قوياً متجدداً).
وتظهر عظمة الرسول (صلى الله عليه وآله) من خلال ذلك الإعجاز الهائل الذي غير به ظاهرة الجزيرة العربية وأخرجها من بؤس الجاهلية وشقاء التقاليد الوثنية، فالجزيرة العربية كانت غارقة في جهل مطبق، وظلام دامس، وفقر مميت، وأن الذي يقارن بين الجزيرة العربية قبل البعثة وبعد البعثة يصاب بالذهول مما يراه من التحول الإعجازي الجذري الذي حصل فيها. يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام يصف فيه هذه الحالة:
(بعثه والناس ضلال في حيرة، وخابطون في فتنة، قد استهوتهم الأهواء، واستنزلتهم الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء، حيارى في زلزال من الأمر وبلاء من الجهل، فبالغ (صلى الله عليه وآله) في النصيحة ومضى على الطريقة ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة).
ويقول (عليه السلام) أيضاً في وصف الجاهلية قبل البعثة:
(أرسله على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم واعتزام من الفتن، وانتشار من الأمور، وتلظ من الحروب. والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها وأياس من ثمرها وأغوار من مائها، قد درست منار الهدى، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة لأهلها، عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف).الخطبة 157 / 87.
فتحول الأعراب الغارقين في الصحاري المترامية والجاهلية البائسة إلى حضارة منطلقة أعطت العالم روحاً جديدة وأفاضت عليه تاريخاً مشرقاً وضاءً.
يقول المستشرق الأمريكي ادوارد وورمسي: (وكانت العرب غارقة قبل نبوة محمد (صلى الله عليه وآله) في أحط الدركات حتى ليصعب علينا وصف تلك الخزعبلات التي كانت سائدة في كل مكان، فالفوضى العظيمة التي كان الناس منهمكين فيها في ذلك العصر، وجرائم الأطفال - يعني قتلهم خشية الفقر - ووأد البنات أحياء، والضحايا البشرية التي كانت تقدم باسم الدين، والحروب الدائمة التي تنسب آناً بعد آن بين القبائل المختلفة، والنقص المستديم في نفوس أهل البلاد وعدم وجود حكومة قوية. حتى أتى الوحي من عند الله إلى رسوله الكريم، ففتحت حججه العقلية السديدة أعين أمة جاهلة فانتبه العرب، وتحققوا أنهم كانوا نائمين في أحضان الرذيلة المظلمة ولنتصور سكان البادية حينما رأوا أصنامهم تكسر على مرأى ومسمع منهم وهم المشهورون بالشجاعة والصلابة في الرأي وعدم الخضوع للغير، أفلا يثور ثائرهم ويهبون لقتل محمد؟ ولكنه كان يتكلم بكلام الله ربه، فقد كانوا يشعرون بذلك حيث يجدون في نبرات صوته هدى وتأثيراً كبيراً طاغياً، ولهذا لم يستطيعوا القيام ضد تيار الحق، ولم يجدوا بدا من الجري في مجاري النقاء الجديد، لأنه اجتاح كل الموانع والسدود كما يجتاح السيل الجارف كل شيء يقف في طريقه وهكذا انتصرت الفضيلة على الرذيلة). والذي يضفي على هذه الرسالة والرسول آفاق النجاح والموفقية في تحقيق أهدافها، هي تلك الانعطافة التي أحدثها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسيرة الحياة الإنسانية. فمع انطلاقة هذه الرسالة بدأ عهد جديد تحولت فيه الإنسانية إلى وجه جديد وحضارة متألقة تتصاعد نحو التقدم والرقي. إذ أن الفكر الإنساني بدأ ينضج ويتبلور بعد أن استطاعت الحضارة الإسلامية أن تقدم إلى العالم النتاج العلمي الكبير الذي أصبح وبالفعل قاعدة لانطلاقة العلم الحديث، فقد أثار الرسول (صلى الله عليه وآله) برسالته الخالدة كوامن الفكر، وأوقد جمرة العقل، ورسخ منهج الاجتهاد والتجديد بعد أن حارب أفكار الجاهلية والتقليد الأعمى والاستعباد والاستبداد. لينير في درب الإنسانية مفاهيم الحرية والعلم، والشورى والإخاء والأخلاق، فبعد أن استطاعت الحضارة الإسلامية أن تمد جذورها في بلاد العالم بدأت مرحلة جديدة من الفكر والعقلانية،واتخذ العالم منهجاً متميزاً في إدارة أموره ليعتمد بالدرجة الأولى على الحرية والعلم والعقل. فقد كان المنطلق الذي قامت عليه الرسالة هو العلم (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، والحرية (ويضع عنهم اصرهم والأغلال التي كانت عليهم) والعقل (أفلاك يعقلون)، ليصبح الخطاب العلمي والعقلي هو المعجزة الكبيرة التي تمثلت في القرآن، ولذلك فإن القرآن الكريم يجسد في طياته مفاهيم حضارة جديدة باستطاعتها أن تغذي العالم بأفكار ورؤى تعطيه الطاقة الحيوية لبناء إنسانية متطورة. يقول الكاتب الروسي الكبير تولستوي: (ومما لا ريب فيه أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) كان من عظماء الرجال المصلحين الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهذا عمل عظيم لا يقوم به إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثل هذا لجدير بالاحترام والإجلال).
ويقول الكاتب الكبير برنارد شو: (لأني أكن كل تقدير لدين محمد (صلى الله عليه وآله)، لحيويته العجيبة فهو الدين الوحيد الذي يبدو لي أن له طاقة هائلة لملاءمة أوجه الحياة المتغيرة وصالح لكل العصور. لقد درست حياة هذا الرجل العجيب، وفي رأيي أنه يجب أن يسمى منقذ البشرية). نعم إنه منقذ البشرية ودينه دين الحياة والسعادة، يقول تعالى في كتابه الحكيم: (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد)(1). ومما لا ريب فيه فإن انطلاقة الفكر الإنساني الحديث بدأت على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما حملت رسالته الخالدة إلى العالم تلك المفاهيم الراقية التي غيرت التاريخ الإنساني ليبدأ انعطافة حضارية جديدة لا زالت تفيض على البشر بالعطاء والخير والعلم. فقد أرسى رسول الله (صلى الله عليه وآله) مبدأ الحرية بصورة عملية بعد أن أكد القرآن على ذلك في الكثير من آياته، فكانت الحرية السياسية والفكرية التي تعطي للإنسان الحق في التعبير عن رأيه (وأمرهم شورى بينهم) وكذلك الحرية الدينية التي تمنح للأديان الأخرى الفرصة لممارسة حقوقهم وقوانينهم (لا إكراه في الدين). وقد ضرب الإسلام على طول تاريخه أروع الأمثلة في التعامل مع الأديان الأخرى والتعايش معها، فنعمت هذه الأديان بالحرية والأمن. يقول المستشرق الفرنسي جاك بيرك: (لم يكن الإسلام في أي يوم عدو الديانات الأخرى، بل إنه الديانة الوحيدة التي حافظت على حقوق أبناء الديانات الأخرى، وهذا موقف ساحر بكل تأكيد، وقلما شاهدنا في تاريخ الديانات هذا المستوى من السحر الذي نشاهده في الإسلام). وإذا كان الغرب يدعي تصديه اليوم لطرح الأفكار الإنسانية الجديدة ومبادرته إليها مثل: الحرية والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان و..، فإن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان قد سبقهم من قبل بعدة قرون، فكانت الحرية هي محور وجود الإنسان في الإسلام، والشورى هي الأصل الذي لابد للحاكم أن يلتزم بها في ممارسة الحكم، والمساواة هي النظرة الاجتماعية العاملة التي يجب أن تحكم المجتمع الإسلامي، فلا فرق بين أبيض ولا أسود، ولا بين عربي ولا أعجمي، إلا بالتقوى، والناس سواسية كأسنان المشط، فالمقياس للتفاضل في الإسلام هو الكفاءة المدعومة بالتقوى لا اللون والجنس والعنصر والطبقة، كما أن العدالة الاجتماعية هي القانون الحاكم في الإسلام. لذلك نجد أن رسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قامت على هذه المفاهيم ضمت كل الفصائل البشرية على اختلافها، فكان إلى جنب الأغنياء في معسكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الفقراء وإلى جنب العرب الفرس مثل سلمان الفارسي وإلى جنب الأبيض والأسود مثل بلال الحبشي، يقول البروفسور كاراديفو في كتابه المحمدية: (إن محمداً كان هو النبي الملهم والمؤسس ولم يستطع أحد أن ينازعه المكانة العالية التي كان عليها، ومع ذلك فإنه لم ينظر إلى نفسه كرجل من عنصر آخر، أو من طبقة أخرى غير طبقات بقية المسلمين..، إن شعور المساواة والإخاء الذي أسسه محمد (صلى الله عليه وآله) بين أعضاء الكتلة الإسلامية، كان يطبق عملياً حتى على النبي نفسه). وهكذا فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذر البذرة الأولى في حقل الإنسانية لإبداع عالم جديد يقوم على حركة من نوع جديد تحمل أفكاراً ومفاهيم جديدة. فلأول مرة في تاريخ العالم بدأت أول حركة إصلاحية عالمية شاملة اعتمدت على السلم والأخلاق والعدالة والحرية والشورى والمساواة ففتحت صفة حضارية ناصعة البياض وكتبت تاريخاً مشرقاً تفتخر به الإنسانية حتى الأبد. إن دراسة حياة النبي (صلى الله عليه وآله) تكشف لنا عن عقل كبير استطاع أن يفهم الحياة بحكمة، ويتعامل مع الواقع الخارجي بحنكة سياسية كبيرة يندر أن يرى لها التاريخ مثيلاً، فالحكمة السياسية التي تعامل بها الرسول (صلى الله عليه وآله) مع أعداءه جعلته ينتصر عليهم بأسرع وقت وأقل الخسائر، فلا يمكن أن نجد على طول التاريخ قائداً سياسياً كبيراً استطاع أن ينتصر على أعدائه بهذه السرعة وهذا العدد القليل من الخسائر البشرية والمادية بعد أن كان لا يمتلك أي شيء من الإمكانات المادية التي تؤهله لأن ينتصر غير عقله الكبير وحنكته السياسية، فقيادته للحروب مع المشركين واستخدامه لأذكى الاستراتيجيات العسكرية وخاصة في اختياره للمواقع الحربية واستخدامه لأساليب الحرب السليمة، تضعه في قمة التاريخ العسكري، وإذا كان تقييم الخبراء العسكريين لإدارة الحرب، بأنها الانتصار بدون حرب ودماء فإن هذا يجعله (صلى الله عليه وآله) من أذكى القادة في التاريخ. ومن ناحية أخرى فإن الإدارة الحكيمة للصراع السياسي توضح عبقرية الرسول (صلى الله عليه وآله) وتكشف عن أحد أهم أسباب نجاحه في حركته، ويبدو ذلك جلياً في صلح الحديبية حيث استفاد منه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في تحكيم مواقع الإسلام وامتلاك حرية الحركة لأجل نشره، ويبدو واضحاً أيضاً في قدرته على إيجاد التوازن والاتحاد بين فئات المسلمين من المهاجرين والأنصار والأوس والخزرج وذلك من خلال مسألة التأخي التي يمكن أن تعتبر أكبر مناورة سياسية ناجحة في التاريخ حيث رسخت دعائم الإسلام وأدت إلى تماسك المجتمع الإسلامي وقيادته نحو هدف مشترك. وكما يبدو ذلك أيضاً في تعامله الذكي مع المنافقين الذين كانوا يسعون إلى تخريب الإسلام من الداخل، ولكنه بحكمته (صلى الله عليه وآله) استطاع أن يحجمهم ويستوعبهم.
ويظهر العقل الكبير للرسول (صلى الله عليه وآله) في فن إدارته للحكم وقدرته على تأسيس دولة حديثة قوية تمتلك نظاماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً متوازناً، وحينها بدأت مرحلة تاريخية جديدة في حياة البشرية لم تتعرف عليها من قبل في أنظمة الحكم والدولة. فقد اتسع نطاق المدينة وتزايد عدد سكانها، وأخذ الناس يعمرون الأراضي الواسعة فكتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) صحيفة بين المهاجرين تجعل أهل كل حي من الأنصار مسؤولين عن حيهم وعن أمن المدينة من ناحيتهم، فكانت حكومة الرسول (صلى الله عليه وآله) حكومة شعبية زمامها بيد الشعب نفسه، فتحولت حكومة المدينة إلى حكومة مثالية لم يسمع فيها جرائم أو منازعات أو فوضى أو قلة نظام، وذلك بعد أن استطاع الرسول (صلى الله عليه وآله) ترسيخ المثل الإسلامية وتوطيد المحبة وتحكيم المساواة بين الجميع وتحصين الأمة بالقوة الحقيقية والاطمئنان الواقعي والتقدم الصحيح، فساد الإيمان بالمثل والقيم الإسلامية في الناس، وتضاءلت المشاكل الفردية والنزاعات الشخصية، وغلب على الناس الاتصاف بروح الجماعة والتعاون والتحاشي عن الوقوع في المعاصي والجرائم، وظهر في الناس التحلي بالأخلاق الحسنة التي لم يعرفها الناس من قبل، فكان يؤثر الناس بعضهم بعضاً في العطاء والبذل في سبيل الله تعالى.. وقد شعر الجميع بأن زماناً جديداً يطل عليهم، فتهافتت القلوب إلى الإسلام وأخذ الناس يلتفون حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطاعة والرضا وأخذت العشائر والقبائل والبلاد تتسابق إلى الإسلام فازدادت البلاد الإسلامية بذلك سعة ورحبا، كما ازدادت شعبية الحاكم وحرية الشعب الممتزجة بالإيمان والفضيلة وحب الخير فأنزل الله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا).
وبهذا الصدد يقول الكاتب الأمريكي سيرفلكد:
(كان عقل النبي محمد (صلى الله عليه وآله) من العقول الكبيرة، التي قلما يوجد بها الزمان، فقد كان يدرك الأمر ويدرك كنهه من مجرد النظرة البسيطة، وكان النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في معاملاته الخاصة على جانب كبير من إيثار العدل، فقد كان يعامل الصديق والقريب والبعيد والغني والفقير والقوي والضعيف بالمساواة المطلقة. وكل هذه الفتوحات والانتصارات لم توقظ في شعوره العظمة والكبرياء، ففي ذلك الوقت الذي وصل فيه إلى غاية القوة والسيطرة كان على حالته الأولى في معاملته ومظهره، حتى بالرغم من الغنائم وغيرها فإنه كان يصرفها على نشر دعوته ومساعدة الفقراء.. وكان محمد (صلى الله عليه وآله) يجد راحته وعزاءه في أوقات الشدة والمحنة في الثقة بالله ورحمته، ومعتمداً دائماً على الله ليتمتع بالحياة الأخرى). إن دراسة حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) وحركته الإصلاحية الشاملة ومسيرته السلمية العادلة تلقي أنواراً مشرقة لاختيار الطريق نحو إيجاد التغيير وإنقاذ العلم الإسلامي. الركائز الحضارية لحركة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ويمكن أن نلخص الأعمدة الأساسية التي قامت عليها حركة الرسول (صلى الله عليه وآله) الإصلاحية في الأمور التالية: 1 ـ الحرية الإسلامية: حيث إن الرسول (صلى الله عليه وآله) قام من أجل الحرية وإنقاذ الإنسان من الاستعباد الجاهلي، وعن طريق إنقاذ الناس من العبودية استطاع الرسول أن ينجح في حركته، وإذا أردنا أن ننقذ العالم الإسلامي فلابد لنا أن نجاهد من أجل الحرية. 2 ـ الأمة الإسلامية الواحدة: فبعد أن جمع الرسول المسلمين ووحدهم في إطار أمة واحدة، انطلقت الأمة الإسلامية فبنت للعالم مجداً حضارياً بقيت الإنسانية تتمتع به طوال قرون عديدة. وإذا أردنا أن ننال المجد ثانية لابد أن نسعى لتحقيق أمة إسلامية واحدة.
3 ـ الأخوة الإسلامية: فعندما كانت روح الأخوة هي الحاكمة بين أصحاب الرسول استطاعوا النجاح، فالرسول (صلى الله عليه وآله) ألغى الفوارق بين الغني والفقير، والأبيض والأسود، والعربي والأعجمي، حتى أصبحت الأخوة الإسلامية هي المقياس في فهم العلاقات الاجتماعية، ومن ثم ساروا في الاتجاه المنطقي للحياة، وعلينا إذا أردنا أن نستعيد مجدنا الغابر الرجوع إلى الأخوة الإسلامية بمعانيها الصادقة. 4 ـ الشورى: فعندما يساهم الناس بآرائهم في ممارسة الحكم وأتخاذ القرار تتفتح الكفاءات ويرتبط الناس بالحاكم ويستعدون للتعاون معه مثل ما تعاون المسلمون مع الرسول (صلى الله عليه وآله) في صنع مجد الحضارة الإسلامية وإذا أردنا أن نتخلص من مآسينا لابد أن نتخذ الشورى منهاجاً في الحياة. 5 ـ السلم واللاعنف: فإن العنف يحطم أهداف الحركة ويلغي مشروعيتها، وينفر الناس منها، بينما السلم يقودها نحو النجاح والتفاف الناس حولها. ولهذا نجح الرسول في بناء دعائم الإسلام وانطلاق حضارته. 6 القانون الإسلامي. فقد بنى الرسول (صلى الله عليه وآله) مجتمعاً متحضراً ومتماسكاً عن طريق تطبيق القوانين الإلهية التي تمنح السعادة والاستقرار للمجتمع، فإذا أراد المسلمون أن يتخلصوا من مشاكلهم لابد أن يفهموا هذه القوانين ويسعون لتطبيقها. قال الله تعالى في كتابه العزيز: (ومن أعراض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا). 7 ـ مكارم الأخلاق: فلا يمكن النجاح بالأخلاق السيئة التي تنفر الناس وتبعدهم فقد استطاع الرسول أن ينجح بأخلاقه العظيمة مثل: العفو عمن ظلمه، سعة صدره، وتحمله للأذى، صبره على المكاره، تشاوره مع أصحابه، حلمه وعدم غضبه، زهده وعدم ترفعه، جلوسه مع المساكين والضعفاء وعدم تكبره عليهم، مداراته للناس واستيعابهم عن طريق صلتهم وحل مشاكلهم وقضاء حوائجهم إلى صفات كثيرة ترسم لنا طريق العمل السليم في حياتنا.
قيم السماء تجسدت في خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)
- وفاؤه: في غزوة بدر أسر المسلمون عباس عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجردوه من لباسه، فعندما أرادوا إكساءه لم يجدوا له ثوباً يناسب جسده لما كان فيه من عظم الجثة، حتى جاء عبد الله بن أبي وكان في صفوف المسلمين فألبسه ثوبه، ثم وبعد سنوات أخذ عبد الله بن أبي يعادي النبي (صلى الله عليه وآله) ويخاصمه وصار من كبار المنافقين الذين كانوا يؤذون النبي (صلى الله عليه وآله) في مختلف المجالات ولكن عندما حضرته الوفاة جاءه النبي (صلى الله عليه وآله) وحضر جنازته ثم كفن بثوبه وصلى عليه، فكان ذلك مقابلة منه (صلى الله عليه وآله) لإحسانه في بدر لعمه العباس. - مزاحمه: كان (صلى الله عليه وآله) في منزل قبا وعنده التمر فجاءه صهيب بن سنان وهو يعاني من ألم في إحدى عينيه، فأخذ صهيب يشارك النبي (صلى الله عليه وآله) في أكل التمر، فمازحه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: أتأمل التمر مع ألم عينك، فأابه قائلاً: آكل بالعين التي لا تؤلمني!! فضحك النبي (صلى الله عليه وآله). - خشيته: عن حمران بن أعين عن عبد الله بن عمر أنه قال: سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم شخصاً يتلو قوله تعالى: (إن لدينا أنكالا وجحيماً وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليما)(2)، فعند ذلك ارتعد (صلى الله عليه وآله) ثم أغمي عليه. - إكرامه الضيف: كان عدي بن حاتم الطائي مشركاً قد فرّ إلى الشام عندما غزا المسلمون جبل طي، ولكن بعد فترة جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليسلم ويعلن إيمانه بالنبي (صلى الله عليه وآله) إكراماً بالغاً فجاء به إلى بيته وفرش له وسادة وأجلسه عليها وجلس هو (صلى الله عليه وآله) على التراب، وعندما أمتنع عدي من ذلك أبى (صلى الله عليه وآله) إلا أن يجلسه على الوسادة ويجلس هو (صلى الله عليه وآله) على التراب. الهوامش
1 - سورة إبراهيم: الآية 1. 2 - سورة المزمل: الآيتان 13 - 14.
محمد قرَّبهُ ربه حتى كقوسين غدا قًرْبُهٌ محمد حسبي في شدتي طوبى لمن محمد حسبه صلى عليه وعلى من هم عترته صفوته صحبته صلى عليه وعفى رحمة عن مسلمين ربهم ربه
اسمه ونسبه: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، وينتهي نسبه الشريف الى النبي ابراهيم (عليه السلام).
أمه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب…
كنيته: أبوالقاسم، وأبو ابراهيم.
القابه: المصطفى، وله أسماء وردت في القرآن الكريم مثل: خاتم النبيين، والأمّي، والمزمل، والمدثر، والنذير، والمبين، والكريم، والنور، والنعمة، والرحمة، والعبد، والرؤوف، والرحيم، والشاهد، والمبشر، والنذير، والداعي، وغيرها.
نبذة عن حياة النبي محمد (ص): ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الإثنين 17 وقيل 12 من شهر ربيع الأول عام الفيل بمكة، وقد مات أبوه وهو في بطن أمه، وتوفيت أمه وعمره ست سنين فكفله جده عبدالمطلب ولما بلغ عمره ثمان سنين توفى جده فكفله عمه أبو طالب وأحسن كفالته، وكان لا يفارقه ليلا ولا نهارا، وصحبه في أسفاره إلى الشام للتجارة، ولما بلغ الأربعين سنة من عمره الشريف نزل عليه الوحي بالنبوة وكان في غار حراء، وأول آية نزلت عليه: (إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق). فأخبر خديجة فصدقت به، وأخبر علي بن أبي طالب (ع) فصدق به، وأخذ في نشر دعوته سرا، ثم أعلنها فأسلم جماعة من العرب فعذبتهم قريش وهاجر إلى المدينة بعد أن أسلم جماعة من أهلها، وأخذ في نشر الدعوة وحاربته قريش والعرب فانتصر عليهم وفتح مكة. وبعد أن أكمل نشر دعوته وانتشر الإسلام في جزيرة العرب توفاه الله تعالى.
وقد عاش (ص) ثلاثا وستين سنة، أربعين منها قبل أن يبعث بالرسالة، وثلاثا وعشرين سنة نبيا رسولا قضى منها (13) سنة في مكة و (10) سنين في المدينة.
أخلاقه (ص): إمتاز النبي محمد (ص) بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة. فقد كان بعيدا عن كل ما يشين سمعته سواء في أقواله أو أفعاله، متواضعا عفيفا صادقا أمينا حتى لقبته قريش بالصادق الأمين. وكان (ص) حليما كريما سخيا شجاعا أوفى العرب ذمة، صبورا على المكاره والأذى في سبيل نشر دعوته. وكان لا يغضب لنفسه ولا ينتقم لها، سفيقا لأصحابه كثير التردد إليهم، يقبل معذرة من اعتذر إليه، يحب الفقراء والمساكين ويأكل معهم، قليل الأكل، يختار الجوع على الشبع مواساة للفقراء. وكان (ص) يجلس على التراب ويرقع ثوبه ويخصف نعله بيده الكريمة.وكان لا يجلس ولا يقوم إلا ذكر الله تعالى. وقد مدحه الله جل جلاله بقوله تعالىوإنك لعلى خلق عظيم). صدق الله العلي العظيم.
كيفية الصلاة عليه (ص): قال النبي (ص): (( لا تصلوا علي الصلاة البتراء، قيل ما البتراء يا رسول الله؟ قال : أن تصلوا علي ولا تذكروا آلي))... فيجب على كل مسلم إذا ذكره (ص) أن يقول (صلى الله عليه وآله وسلم). وإذا أراد الصلاة عليه (ص) أن يقول (اللهم صلي على محمد وآل محمد)).
من حكمه (صلى الله عليه وآله وسلم): 1- رضى الرب في رضى الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين. 2- سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وحرمة ماله كحرمة دمه. 3- الرحم معلقة بالعرش تقول اللهم صِلْ من وصلني واقطع من قطعني. 4- التاجر الأمين الصدوق مع الشهداء يوم القيامة. 5- حسنوا لباسكم وأصلحوا رحالكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس. 6- إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه ودخانه فليجلسه معه، فإن لم يجلس معه فليناوله أكلة أو أكلتين. 7- إتقوا الله في الضعيفين، المرأة الأرملة والصبي اليتيم. 8- إتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا، فإنها ليس دونها حجاب. 9- من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله. 10- من لا يَرْحم لا يُرْحَمْ. 11- الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إليه أنفعهم لعياله. 12- لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهْدَ له. 13- قل الحق ولو على نفسك؟ 14- إياك وقرين السوء فإنك به تُعْرَفْ. 15- من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فقد كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت أخوته.
مبعثه: بعث بمكة في 27 رجب بعد أن بلغ عمره الشريف أربعون سنة.
تعاليمه: جاء (ص) بالمساواة بين جمع الخلق، وبالاخوّة، والعفو العام عمّن دخل في الاسلام، ثم سنّ شريعةً باهرةً وقانوناً عادلاً تلقاه عن الله عزّوجلّ ثم تلقاه المسلمون منه.
معجزاته: كثيرة ولا يسع المجال لذكرها جميعا ولكن نذكر أعظمها: الأولى: القرآن الكريم الذي عجزت قريش والعرب جميعا عن معارضته والإتيان بمثله. الثانية: وضعه الشريعة الإسلامية المطابقة للحكمة والموافقة لكل عصر وزمان مع كونه أميا لا يقرأ ولا يكتب وقد نشأ بين قوم أميين.
ولا بأس بذكر بعض من معجزاته الأخرى كنبوع الماء من بين أصابعه، وإشباع الخلق الكثير من قليل الزاد، ومجئ الشجر، وحنين الجذع، وإخباره بالمغيبات. أما المغيبات التي أخبر عنها فهي كالتالي: أخبر النبي صلى الله عليه وآله بحوادث كثيرة وقعت بعد وفاته، منها قوله (ص) لعلي عليه السلام، "أنت تقاتل بعدي الناكثين(وهم أهل الجمل بالبصرة)، والقاسطين (وهم معاوية وأهل الشام في صفين)، والمارقين (وهم الخوارج بالنهروان). وإن قاتِلُك إبن ملجم. وإخباره بسم الإمام الحسن (ع) وقتل الإمام الحسين (ع) بكربلاء. وقوله (ص) ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، فقُتِلَ عمار في معركة صفين. وقوله (ص) لفاطمة عليها السلام: "أنت أول أهل بيتي لحاقا بي". وإخباره بظهور الدولة الأموية وظهور دولة بني العباس.
دعوته: دعا الناس في مكة الى التوحيد سراً مدة ثلاث سنين، و دعاهم علناً مدة عشر سنين.
هجرته: هاجر من مكة الى المدينة المنورة في بداية شهر ربيع الاول بعد مرور 13 عاماً من مبعثه، وذلك لشدة اذى المشركين له ولأصحابه.
حروبه وغزواته: أذن الله عزوجلّ للرسول (ص) بقتال المشركين والكفار والمنافقين، فخاض معهم معارك كثيرة نذكر هنا ابرزها: بدر ـ أحد ـ الخندق (الاحزاب) ـ خيبر ـ حنين.
زوجاته: خديجة بنت خويلد (رضوان الله عليها)، وهي الزوجة الأولى؛ أما الأخريات فهن: سودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، وغزية بنت دودان (ام شريك)، وحفصة بنت عمر، ورملة بنت أبي سفيان (أم حبيبة)، وأم سلمة بنت أبي أميّة، وزينب بنت جحش، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث، وجويرية بنت الحارث، وصفية بنت حييّ بن أخطب.
أولاده: وهم: 1 ـ عبدالله. 2 ـ القاسم. 3 ـ ابراهيم (عليهم السلام). 4 ـ فاطمة (عليها السلام). وقيل: زينب ورقية وام كلثوم.
اعمامه: له تسعة اعمام، وهم أبناء عبدالمطلب: الحارث ـ الزبير ـ أبو طالب ـ حمزة ـ الغيداق ـ ضرار المقوّم ـ أبو لهب ـ العباس.
عماته: وله عمات ست من أمهات شتى وهنّ: أميمة ـ أم حكيمة ـ برّة ـ عاتكة ـ صفيّة ـ أروى.
أوصياؤه: اثنا عشر وصياً، وهم: 1 ـ أميرالمؤمنين علي (عليه السلام)، 2 ـ الحسن بن علي (عليهما السلام)، 3 ـ الحسين بن علي (عليهما السلام)، 4 ـ علي بن الحسين (عليهما السلام)، 5 ـ محمد بن علي (عليهما السلام)، 6 ـ جعفر بن محمد (عليهما السلام)، 7 ـ موسى بن جعفر (عليهما السلام)، 8 ـ علي بن موسى (عليهما السلام)، 9 ـ محمد بن علي (عليهما السلام)، 10 ـ علي بن محمد (عليهما السلام)، 11 ـ الحسن بن علي (عليهما السلام)، 12 ـ الحجة بن الحسن (عج).
بوابه: أنس بن مالك.
شعراؤه: حسان بن ثابت، عبدالله بن رواحة، كعب بن مالك.
مؤذنوه: بلال الحبشي: ابن أم مكتوم، سعد القرط.
نقش خاتمه: (محمد رسول الله).
مدة عمره: 63 عاماً.
مدة نبوته: 23 سنة.
تاريخ وفاته: 28 صفر 11 هـ
مكان وفاته: المدينة المنورة.
محل دفنه: المدينة المنورة في المسجد النبوي الشريف.
| |
|