اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ويسر مخرجهم
عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ علیهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ بِأَعْمَالِهِمْ، فَأَوَّلُهُمْ كَلَمْعِ البَرْقِ، ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَحَضْرِ الفَرَسِ، ثُمَّ كَالرَّاكِبِ، ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ ثُمَّ كَمَشْيِهِ. [rtl][1][/rtl] وجاء في «تفسير علیّ بن إبراهيم القمّيّ»:
الصِّرَاطُ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ.
وهذا الصراط المستقيم هو نفسه صراط علیّبن أبي طالب علیه السلام، فما أدقّه وما أحدّه!
تأمّلوا في أعمال أمير المؤمنين علیه السلام، وانظروا إلی كلّ لحظة من لحظاته وكيفيّة مراعاته من جميع الجهات لاُمور الظاهر والباطن، وإلی جمعه بين العوالم، وإعطائه كلّ ذي حقٍّ حقّه، وسيره في عالم الوحدة سيراً لايمزج فيه أحكام ذلك العالم مع أحكام عالم الكثرة، وإلی إيفائه حقّ عالم الكثرة، وقيامه عبداً محضاً في مقام العبوديّة للحقّ تعإلی، ومراعاته في كلّ الحركات والسكنات لآثار توحيده عزّ وجلّ في جميع العوالم، وملاحظته لجميع الجوانب الضروريّة لدرجات السلوك والمجاهدة علی أعلی نحوٍ وأتمّه. ليس فقط للحظة واحدة أو للحظتين، بل في جميع مراحل حياته الكريمة.
وتأمّلوا كم كان لطيفاً وعميقاً ودقيقاً! وكم كان قاطعاً محتاطاً مراقباً! ومن الطبيعيّ أن لا يهوي الإنسان في جهنّم بانحراف بسيط، بَيدَ أ نّه بذلك لايعطي حقّ ذلك الصراط المستقيم المتناهي الدقّة وبمقدار انحرافه يقلّ حظّه في الانتفاع من الصراط المستقيم. وكلّما زاد الانحراف زاد الخطر الذي يواجهه، وقلّت استفادته من هذه الخصوصيّة للاستقامة في الطريق.
وهذا الصراط المستقيم هو الذي يقول عنه الإمام الباقر علیه السلام بأ نّه أدقّ من الشعرة وأحدّ من السيف، والذي يختلف عبور الناس علیه ما بين البرق الخاطف وسرعة الريح وحضر الفرس وكالراكب وكشدّ الرجل ومشيه، وذلك بنفس درجة انحراف سلوكهم ونهجهم عن سيرة الإمام ونهجه.
وحقيقة المطلب أ نّه لابدّ للإنسان أن يعيش في هذه الدنيا، ثمّ يتخطّاها إلی العوالم الاُخري، فإذا عاش مقتدياً بالانبياء والائمّة الطاهرين في صدق وأمانة وتوحيد، فقد عبر الدنيا عبوراً حسناً، وإلاّ فقد خسر، لانّ الصراط هو الصورة الواقعيّة الحقيقيّة للإنسانيّة، وحقيقة تلك الصورة سيرة علیّبن أبي طالب ونهجه.
لقد عمل أمير المؤمنين علیه السلام في الزراعة، حيث زرع البساتين وحفر قنوات المياه وغرس النخيل، إلاّ أ نّه بقي طاهراً مطهّراً من الرجـس، تزوّج وأنجب وبقـي الطُّهـر الطاهـر، تسـلّم منصب الحكـم ولميتدنّس بالانجاس. هذا بالإضافة إلی الاعمال الاُخري التي كان يقوم بها كبقيّة الناس، ومع ذلك فله نهجه المختلف عنهم، إذ لم تكن له نيّة أو غرض أو قصد إلاّ نفس تلك الاعمال خالصة للّه سبحانه تعإلی، أمّا الناس فيعملون نفس الاعمال ولكن بنوايا عدّة. وهذا هو مفترق الطريق ما بين أولياء الله وسائر الناس. فلاعمال أولياء الله صبغة إلهيّة، وهل أحسن منها صبغة؟
واخر دعوانه ان الحمد لله رب العالمين
والصلاة على محمد وال محمد